للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال علي بن أبي طالب : (إن الناس لا يصلحهم إلا إمام برٌّ أو فاجر، إن كان فاجرًا عبد المؤمن فيه ربه، وعمل الفاجر فيه إلى أجله) (١).

وقال الحسن في الأمراء: (هم يلون من أمورنا خمسًا: الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود، والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن -والله- إن طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر) (٢).

أما قوله: «وإن كان عبدًا حبشيًّا»:

قال ابن دقيق العيد (٣): (قال بعض العلماء: العبد لا يكون واليًا، ولكن ضرب به المثل على التقدير وإن لم يكن، كقوله : «من بنى لله مسجدًا كمفحص قطاة (٤)، بنى الله له بيتًا في الجنة» (٥). ومفحص قطاةٍ لا يكون مسجدًا، ولكن الأمثال يأتي فيها مثل ذلك.

ويحتمل أن النبي أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله، حتى توضع الولاية في العبيد، فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا؛ تغليبًا لأهون الضررين، وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته، لئلا يفضي إلى فتنة عظيمة.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم (٣٧٢٥٤).
(٢) ذكره الآجري في الشريعة (٤/ ١٧٠٨) بلفظ: قال رجل للحسن: يا أبا سعيد ما تقول في أمرائنا هؤلاء؟ فقال الحسن : ما عسى أن أقول فيهم، هم لحجنا، وهم لغزونا، وهم لقسم فيئنا، وهم لإقامة حدودنا، والله إن طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر، وما يصلح الله بهم أكثر مما يفسد.
(٣) ينظر: شرح الأربعين النووية (ص ٩٧ - ٩٨).
(٤) والقطاة: قال ابن سيده: وهو طائر معروف، والجمع قطوات. ينظر: شرح ابن ماجه لمغلطاي (ص ١٢١٦)، ومفحص القطاة: هو قدر ما تحضن فيه بيضها، ينظر: فتح الباري لابن حجر (١٢/ ٨٣).
(٥) أخرجه ابن ماجه برقم (٧٣٨) عن جابر بن عبد الله ، وأحمد في المسند برقم (٢١٥٧) عن ابن عباس . وصححه الألباني.

<<  <   >  >>