للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بالبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة، وفي صحيح مسلم عن جابر ، أن النبي كان يقول في خطبته: «إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» (١) (٢).

فقوله : «كل بدعة ضلالة» من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد» (٣).

فكل من أحدث شيئًا، ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة.

وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية، لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: نعمت البدعة هذه (٤).

وروي عنه أنه قال: إن كانت هذه بدعة، فنعمت البدعة (٥).


(١) أخرجه مسلم برقم (٨٦٧).
(٢) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (٢/ ١٢٧).
(٣) أخرجه البخاري برقم (٢٦٩٧)، ومسلم برقم (١٧١٨)، عن عائشة .
(٤) أخرجه مالك في الموطأ برقم (٢٧٩)، والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى برقم (٢٥٣)، وفي فضائل الأوقات برقم (١٢١).
(٥) أخرجه عمر بن شبة في تاريخ المدينة (٢/ ٧١٥)، والمروزي في مختصر قيام الليل (ص ٢٣٧).

<<  <   >  >>