للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، وآمن روعتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» (١).

ومن حفظ الله في صباه وقوته، حفظه الله في حال كبره وضعف قوته، ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله.

كان بعض العلماء قد جاوز المائة سنة وهو ممتع بقوته وعقله (٢)، فوثب يومًا وثبة شديدة، فعوتب في ذلك، فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.

وعكس هذا أن بعض السلف رأى شيخًا يسأل الناس فقال: إن هذا ضعيفٌ ضيع الله في صغره، فضيعه الله في كبره (٣).

وقد يحفظ الله العبد بصلاحه بعد موته في ذريته كما قيل في قوله تعالى: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: ٨٢]، أنهما حفظا بصلاح أبيهما.

قال سعيد بن المسيب لابنه: (لأزيدن في صلاتي من أجلك، رجاء أن أحفظ فيك، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: ٨٢]) (٤).


(١) أخرجه أبو داود برقم (٥٠٧٤)، وأحمد في المسند برقم (٤٧٨٥)، وابن ماجه برقم (٣٨٧١)، والنسائي بعضه برقم (٥٥٢٩)، وفي الكبرى كاملًا برقم (١٠٣٢٥).
(٢) هو الإمام طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر، أبو الطيب الطبري الفقيه، شيخ الشافعية المتوفى سنة (٤٥٠) هجرية، ينظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٥/ ٧٦١).
(٣) لعله يعرفه، ولا ينبغي لنا أن نحكم على الناس بمثل هذا فقد يبتلى الإنسان بالفقر والمرض والحاجة مع فضله وتقواه.
(٤) ذكره البغوي في تفسيره (٥/ ١٩٦) بلفظ: (إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي)، وينظر: روح البيان (٥/ ٢٨٨)، وتفسير الخازن (٣/ ١٧٤).

<<  <   >  >>