للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا ورد في الحديث في حق السبعين ألفًا، يدخلون الجنة بغير حساب أنهم: «هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون» (١)؛ مع أن الرُّقى جائزة وردت بها الأخبار والآثار والله أعلم بالصواب، والمتقي من يترك ما ليس به بأس خوفًا مما فيه بأس). انتهى كلامه بلفظه.

قال أبو الحسن المباركفوري (٢): (وزاد بعضهم وجهًا رابعًا: وهو إن فعل ذلك استهزاء بآيات الله ومناقضة لما جاءت به، فإن الله أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وشفاء لما في الصدور، ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا، وإنه لتذكرة للمتقين، ولم ينزل القرآنُ ليتخذ حجُبًا وتمائم، ولا ليتلاعب به المتأكِّلون به، الذين يشترون به ثمنًا قليلًا، والذين يقرؤونه على المقابر وأمثال ذلك مما ذهب بحرمة القرآن وجرَّأ رؤساء المسلمين على ترك الحكم به).

أما من تعلق شيئًا، واعتقد أن الشفاء من هذا الشيء لا من الله تعالى فلا شك أن هذا محرم، لأنه نوع من الشرك.

قال الحسين بن محمود المظهري (٣): (قوله: «مَنْ تعلَّق شيئًا وُكِلَ إليه»؛ يعني: مَنْ تمسَّك بشيءٍ من المداواة، واعتقد أن الشفاءَ منه لا من الله تعالى لم يَشفِه الله، بل وُكِلَ شفاؤُه إلى ذلك الشيء، وحينَئذٍ لا يحصل شفاؤُه؛ لأن الأشياءَ لا تنفعُ ولا تضرُّ بغير أمر الله تعالى، ولذلك مَنْ اعتقد حصولَ الرزق أو دفعَ البلاء أو تحصيلَ مطلوبٍ من شيءٍ بغير أمر الله تعالى فهو داخلٌ في هذا الحديث).


(١) أخرجه البخاري برقم (٥٧٥٢)، ومسلم برقم (٢٢٠) عن ابن عباس .
(٢) ينظر: مرعاة المفاتيح للمباركفوري (٨/ ٢٤٠).
(٣) ينظر: المفاتيح في شرح المصابيح للمظهري (٥/ ٨٤).

<<  <   >  >>