قال بعض العلماء: وهذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة، تظهر للمتأمل:
الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم.
الثاني: سد الذريعة فإن يفضي إلى تعليق من ليس كذلك.
الثالث: أنه إذا علَّق فلا بد أن يمتهنه المعلِّق؛ بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.
قال: وتأمل هذه الأحاديث وما كان عليه السلف، يتبين لك بذلك غربة الإسلام، خصوصا إن عرفت عظيم ما وقع فيه الكثير بعد القرون المفضلة؛ من تعظيم القبور، واتخاذها مساجد، والإقبال إليها بالقلب والوجه، وصرف الدعوات والرغبات والرهبات وأنواع العبادات التي هي حقُّ الله تعالى إليها من دونه، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس: ١٠٦ - ١٠٧]، ونظائرها في القرآن أكثر من أن تحصر. انتهى.
قلت: غربة الإسلام شيء، وحكم المسألة شيء آخر، والوجه الثالث المتقدم لمنع التعليق ضعيف جدًّا، لأنه لا مانع من نزع التمائم عند قضاء الحاجة ونحوها لساعة، ثم يعلقها (١).
والراجح في الباب: أن ترك التعليق أفضل في كل حال، بالنسبة إلى التعليق الذي جوزه بعض أهل العلم، بناء على أن يكون بما ثبت لا بما لم يثبت، لأن التقوى لها مراتب، وكذا في الإخلاص، وفوق كل رتبة في الدين رتبة أخرى، والمحصِّلون لها أقلّ.
(١) المشاهد أن معظم من يتعلق مثل هذه الحروز لا يخلعونها عند دخول الخلاء، نسيانًا تارة وخوفًا من السرقة تارة أخرى، وبخاصة إذا كانت ثمينة من الذهب أو غيره، وبهذا يتضح قوة الوجه الثالث الذي اعترض عليه العلامة صديق حسن خان.