للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر يكون بخلاف ذلك، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس؛ إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك؛ فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت.

وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلةٌ خفيةٌ من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره؛ فتوجب له حسن الخاتمة).

وذكر مثل ذلك الشيخ ابن عثيمين في شرح الأربعين (١)، ثم قال: (أقول هذا لئلاّ يُظنٌّ بالله ظنَّ السوء: فوالله ما من أحد يقبل على الله بصدقٍ وإخلاص، ويعمل بعمل أهل الجنة إلا لم يخذله الله أبدًا، فالله ﷿ أكرم من عبدِه، لكن لا بد من بلاءٍ في القلب (٢).

واذكروا قصة الرجل الذي كان مع النبي في غزوة من غزواته ، وكان هذا الرجل لا يدع شاذَّة ولا فاذَّةً للعدو إلا قضى عليها، فتعجب الناس منه وقالوا: هذا البطل الذي كسب المعركة، فقال النبي : «هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ».

فعظم ذلك على الصحابة كيف يكون هذا الرجل من أهل النار؟

فقال رجل: لألزمنَّه، أي: أتابعه، فتابعه، فأصيب هذا الرجل الشجاع المقدام بسهم من العدو فجزع، فلما جزع سلَّ سيفه والعياذ بالله ثم وضع ذبابة سيفه على صدره ومقبضه على الأرض، ثم اتّكأ عليه حتى خرج من ظهره، فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي وأخبره، وقال: أشهد أنك رسولُ الله،


(١) ينظر: شرح الأربعين النووية لابن عثيمين (ص ٨٨).
(٢) أي: أن سبب انتكاس هذا العبد: هو وجود مرض، ودسيسة شر، وشبهة نفاق في قلبه، والعياذ بالله.

<<  <   >  >>