للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما خالد فإنكم تظلمونه بقولكم: منع الزكاة، وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، فكيف يقع منع الزكاة من رجل تقرب إلى الله تعالى بإنفاق ما لا يجب عليه، ثم هو يمنع ما أوجبه الله عليه، فإن هذا بعيد».

وإما لأنه جعلها أدوات قُنية (١) يستعملها في الجهاد، والأشياء التي للقنية ليس فيها زكاة، لأنها ليست من الأموال النامية بالتجارة وغيرها.

وأما العباس ، فقد تحمَّلها عنه.

ويحتمل أن ذلك لمقامه ومنزلته، ويدل عليه قوله: «أما علمت أن عَمَّ الرجل صنوُ أبيه؟».

وإما لأنه قدم زكاته لعامين فقد تسلمها النبي منه (٢).

فالنبي لم يحكم على الثلاثة بحكم واحد، بل فصل الحكم بما يليق بحال كل واحد منهم، وهذا يدل على أنه إذا جرت صورةُ فعلٍ بين جماعة اتفقوا في تلك الصورة، فإنه لا ينبغي أن يُحمل الأمر منهم كلهم على محمل واحد، فإن هذا الحديث يدلُّ على أنَّ منع ابن جميل وخالد والعباس كانت صورةُ امتناعهم صورةً واحدة، فلم يحمل رسول الله ذلك منهم على محمل واحد؛ بل فصَّل فقال: «ما ينتقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله ورسوله من فضله».

ثم اعتذر لخالد : فقال: «إنكم تظلمون خالدًا». يعني أنكم لصقتم صورةَ حاله لصورةِ حالِ ابنِ جميل ، وأنتم تعرفون أنه قد وقف في سبيل


(١) القنية هي: الأموال المعدة للاقتناء والاستعمال الشخصي، لا للبيع والتجارة، فهذه الأموال ليس فيها زكاة.
(٢) ينظر: الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة (٧/ ٢٨١).

<<  <   >  >>