للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وإنما المراد وصف السبعين بتمام التوكل، فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم ولا يكويهم، ولا يتطيرون من شيء.

وأجاب غيرُه: بأن الزيادة من الثقة مقبولة، وسعيد بن منصور حافظ، وقد اعتمده البخاري ومسلم، واعتمد مسلم على روايته هذه، وبأن تغليط الراوي مع إمكان تصحيح الزيادة لا يصار إليه.

والمعنى الذي حمله على التغليط موجود في المسترقي، لأنه اعتلَّ بأن الذي لا يطلب من غيره أن يرقيه تام التوكل، فكذا يقال له: والذي يفعل غيره به ذلك ينبغي ألَّا يمكنه منه لأجل تمام التوكل.

وليس في وقوع ذلك من جبريل دلالة على المدعى، ولا في فعل النبي له أيضًا دلالة، لأنه في مقام التشريع وتبيين الأحكام.

ويمكن أن يقال: إنما ترك المذكورون الرقى والاسترقاء حسمًا للمادة، لأن فاعل ذلك لا يأمن أن يكل نفسه إليه، وإلا فالرقية في ذاتها ليست ممنوعة، وإنما منع منها ما كان شركًا أو احتمله، ومن ثم قال : «اعرضوا علي رقاكم، ولا بأس بالرقى ما لم يكن شرك» (١).

من فوائد الحديث:

أولًا: قال الوزير ابن هبيرة (٢): (وفيه من الفقه أن الرقية جائزة وتركها توكلًا على الله تعالى أفضل منها، وكذلك الكي فإنه جائز وتركه أحسن، وأما الطيرة فلا تحِلُّ بحال).


(١) سبق تخريجه.
(٢) ينظر: الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة (٣/ ٦٥).

<<  <   >  >>