للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ العراقي (١): (ليس المراد بقيام رمضان قيام جميع ليله بل يحصل ذلك بقيام يسير من الليل كما في مطلق التهجد، وبصلاة التراويح وراء الإمام كالمعتاد في ذلك، وبصلاة العشاء والصبح في جماعة، لحديث عثمان بن عفان قال: قال رسول الله : «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليلَ كلَّه»، رواه مسلم في صحيحه بهذا اللفظ (٢).

وقوله: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابًا»:

ليلة القدر ليلة عظيمة اختص الله تعالى بها هذه الأمة، فأنزل فيها كتابه، وجعل العبادة فيها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر: قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: ١ - ٣].

قال القاضي ابن العربي (٣): (وأما قوله: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، ففي تأويل ذلك اختلاف على ثلاثة أقوال:

القول الأول: قيل: إن معنى ذلك أن العمل بما يرضي الله في تلك الليلة من صلاة وغيرها خير من العمل في غيرها ألف شهر.

القول الثاني: قيل: إن المعنى أن العمل في ليلة القدر خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وهو نحو ما تقدم؛ لأن فضيلة الليلة على ما سواها ليس بمعنى يختصُّ بها، حاشا تضعيف الحسنات فيها.


(١) ينظر: طرح التثريب للحافظ العراقي (٤/ ١٦١).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٦٥٦) عن عثمان بن عفان .
(٣) ينظر: المسالك شرح موطأ مالك لأبي بكر بن العربي (٤/ ٢٦٤).

<<  <   >  >>