للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: قيل: إنه كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل ويصوم النهار، ففعل ذلك ألف شهر، فتمنى النبي أن يكون ذلك في أمته. فقال: «يا رب جعلت أعمار أمتي أقصر الأعمار، وأقل الأعمال»، فأعطاه الله ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، يريد خير من تلك الألف شهر التي قامها الإسرائيلي، وهذا معنى حديث مالك (١)؛ أن رسول الله أُري أعمار الناس قبله، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل ما بلغه غيرهم في طول العمل، فأعطاه الله ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر).

ثم قال (٢): (اختلف العلماء في ليلة القدر، وفي تعيينها وفي ميقات رجائها على ثلاثة عشر قولًا -فذكر بعض هذه الأقوال-، ثم قال: الصحيح أنَّها لا تعلم، لكن النبي قد حضَّ على قيام رمضان، وحض بالتخصيص العشرَ الأواخر.

وكان رسول الله يحيي فيها ليله ويوقظ أهلَه ويشدُّ مئزرَه (٣)، وصدَّق رسول الله أنها في العشر الأواخر (٤).

وفي الحديث دليل على أنها متنقلة غير مخصوصة بليلة؛ لأن رؤيا النبي خرجت في صبيحة ليلة إحدى وعشرين من رمضان، وعلى جسمه وأنفه أثر الماء والطين.


(١) ينظر: موطأ الإمام مالك برقم (٨٨٩).
(٢) ينظر: المسالك شرح موطأ مالك لأبي بكر بن العربي (٤/ ٢٦٥، ٢٦٧).
(٣) أخرجه مسلم برقم (١١٧٤) عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ».
(٤) أخرجه البخاري برقم (٢٠٢٠)، ومسلم برقم (١١٦٩)، عن عائشة ، قالت: كان رسول الله يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان».

<<  <   >  >>