للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي «يَغِلُ»، بتخفيف اللام من الوغول في الشيء؛ والمعنى: أنَّ هذه الخلال الثلاث يستصلح بها القُلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر).

تحيط من ورائهم … أي: تحوطهم وتكنُفُهُمْ، وتحفظهم، يريد أهل السنة دون أهل البدع والأهواء.

التعليق:

قوله: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إلِى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا»:

هذا دعاء لمن جمع الحفظ والوعي والأداء، فكأن الدعاء موقوفًا على الحفظ والأداء، وكأنه حثَّ عليهما، فكأن الحفظ والأداء مأمورًا بهما، فأما مع وجود قوله: «كما سمعها» (١)؛ فيكون التقدير: نضر الله من أدى مقالتي كما سمعها، فيكون الدعاء مصروفًا إلى وجود الصفة متى وجد الأداء، لأن الدعاء مصروف إلى الأداء نفسه.

وقوله: «فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»:

دليل على كراهية اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي في الفقه، لأنه إذا فعل ذلك فقد قطع طريق الاستنباط على من بعده ممن هو أفقه منه.

وكذلك قوله: «فرب حامل فقه غير فقيه»؛ فإن راوي الحديث ليس الفقه من شرطه إنما شرطُه الحفظ، فأما الفهم والتدبر فعلى الفقيه.

وإنما قسم العمل إلى اثنين: لأن حامل الحديث لا يخلو إما أن يكون فقيهًا أو غير فقيه، والفقيه لا يخلو أن يكون غيره أفقه منه، فانقسم لذلك إليهما (٢).


(١) كما في مسند البزار برقم (٣٤١٦).
(٢) ينظر: معالم السنن الخطابي (٤/ ١٨٧) والشافي في شرح مسند الشافعي لابن الأثير (٥/ ٥٧٥)، والتيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي (٢/ ٤٦٠).

<<  <   >  >>