للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خبر الواحد يفيد العلم:

واستدل الشافعي بهذا الحديث على أن خبر الواحد يفيد العلم لا الظن، قال الشافعي في الرسالة (١): (فلما نَدَب رسول الله إلى استماع مقالته وحفظِها وأدائها امرًا يؤديها، والامْرُءُ واحدٌ: دلَّ على أنه لا يأمر أن يُؤدَّى عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه؛ لأنه إنما يُؤدَّى عنه حلال وحرام يُجتَنَب، وحدٌّ يُقام، ومالٌ يؤخذ ويعطى، ونصيحة في دينٍ ودنيا.

ودلَّ على أنه قد يحمل الفقهَ غيرُ فقيه، يكون له حافظًا، ولا يكون فيه فقيهًا. وأمْرُ رسول الله بلزوم جماعة المسلمين مما يُحتج به في أن إجماع المسلمين إن شاء الله لازمٌ).

ولما حثَّ النبي من سمع مقالته على أدائها كما سمعها، علمهم أن قلب المسلم لا يُغِل على هذه الأشياء، خشية أن يَضِنوا بها على ذوي الإحن والحقد، لما يقع بينهم من التحاسد والتباغض، وبين أن أداء مقالته إلى من يسمعها من باب إخلاص العمل لله تعالى والنصيحة للمسلمين، فلا يحلُّ له أن يتهاون به، لأنه يخل بالخلال الثلاث (٢).

فأخبر أن هذه الثلاث الخصال تنفي الغلَّ، عن قلب المسلم (٣).

وقال البيضاوي (٤): (هذه الجملة استئنافية تأكيد لما قبله، فإنه


(١) ينظر: الرسالة للشافعي (ص ٤٠١)، وينظر: مختصر الصواعق المرسلة للبعلي (ص ٥٨٢).
(٢) ينظر: الميسَّر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (١/ ١٠٩)، وشرح مشكاة المصابيح للطيبي (٢/ ٦٨٤).
(٣) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (١/ ١١٧).
(٤) ينظر: قوت المغتذي على جامع الترمذي للسيوطي (٢/ ٦٦٢).

<<  <   >  >>