للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما حرَّض على تعلم السنن ونشرها قفَّاه بردِّ ما عسى أن يعرض مانعًا وهو الغلُّ من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنَّ تعلم الشرائع، ونقلها ينبغي أن يكون خالصًا لوجه الله مبرأ عن شوائب المطامع والأغراض الدنيويَّة، وما كان كذلك لا يتأثر عن الحِقد، والحسَد.

وثانيها: أنَّ أداء السنن إلى المسلمين نصيحة لهم، وهي من وظائف الأنبياء، فمن تعرض لذلك وقام به كان خليفةً لمن يبلغ عنه، وكما لا يليق بالأنبياء أن يهملوا أعداءهم ولا ينصحوهم لا يحسن من حامل الأخبار وناقل السنن أن يمنحها صديقه، ويمنع عدوه.

وثالثها: أنَّ النقل ونشر الأحاديث إنما يكون غالبًا بين الجماعات، فحث على لزومهان ومنع عن النأي عنها؛ لحقدٍ وضغينة تكون بينه وبين حاضر بها، ببيان ما فيها من الفائدة العظمى، وهي إحاطة دعائهم بهم من ورائهم، فتحرسهم عن مكائد الشيطان وتسويله) انتهى.

وقد ذكر ابن القيم هذا الحديث في كتابه الحفيل مفتاح دار السعادة وبين ما فيه من فوائد فقال (١): (إن النبيَّ دعا لمن سمع كلامه ووعاه وبلغه بالنضرة، وهي البهجة ونضارة الوجه وتحسينه، ففي الترمذي (٢) وغيره من حديث ابن مسعود ، عن النبي قال: «نضر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاثٌ لا


(١) ينظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم (١/ ٧١).
(٢) ينظر: سنن الترمذي برقم (٢٦٥٨).

<<  <   >  >>