في الأمة، فهو بمنزلة الكنز المدفون في الأرض الذي لا ينفق منه، وهو معرض لذهابه، فإن العلم ما لم ينفق منه ويعلَّم، فإنه يوشك أن يذهب، فإذا أنفق منه نما وزكا على الإنفاق.
فمن قام بهذه المراتب الأربع دخل تحت هذه الدعوة النبوية، المتضمنة لجمال الظاهر والباطن، فإن النضرة هي البهجة والحسن الذي يُكساه الوجه من آثار الايمان، وابتهاج الباطن به وفرح القلب وسروره والتذاذه به، فتظهر هذه البهجة والسرور والفرحة نضارةً على الوجه، ولهذا يجمع له سبحانه بين البهجة والسرور والنضرة، كما في قوله تعالى: ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان: ١١]؛ فالنضرة في وجوههم والسرور في قلوبهم.
فالنعيم وطيب القلب يظهر نضارة في الوجه، كما قال تعالى: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ [المطففين: ٢٤].
والمقصود أن هذه النضرة في وجه من سمع سنة رسول الله ﷺ ووعاها وحفظها وبلغها، فهي أثر تلك الحلاوة والبهجة والسرور الذي في قلبه وباطنه.
وقوله:«ربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه»:
تنبيه على فائدة التبليغ، وأن المبلَّغ قد يكون أفهم من المبلِّغ، فيحصل له في تلك المقالة ما لم يحصل للمبلغ، أو يكون المعنى: أن المبلَّغ قد يكون أفقه من المبلِّغ، فإذا سمع تلك المقالة حملها على أحسن وجوهها، واستنبط فقهها وعلم المراد منها.
وقوله:«ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إلى آخره»:
أي: لا يحمل الغلَّ، ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة، فإنها تنفي الغل والغش،