للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأشدهم مسابقة، فخرجوا إلى بيوتهم فجاءوا بالصدقات، حتى جاء رجل بصرة معه في يده كادت تعجز يده عن حملها، بل قد عجزت، ثم وضعها بين يدي الرسول .

ثم رأى جرير كومين من الطعام والثياب وغيرها قد جمع في المسجد، فصار وجه النبي بعد أن تمعَّر، صار يتهلل كأنه مذهبة، يعني: من شدة بريقه ولمعانه وسروره لما حصل من هذه المسابقة التي فيها سدُّ حاجة هؤلاء الفقراء، ثم قال : «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».

والمراد بالسنة في قوله : «من سن في الإسلام سنةً حسنة»، ابتدأ العمل بسنة، وليس من أحدث؛ لأن من أحدث في الإسلام ما ليس منه فهو ردٌّ وليس بحسن، لكن المراد بمن سنَّها، أي: صار أول من عمل بها؛ كهذا الرجل الذي جاء بالصرَّة ، فدل هذا على أن الإنسان إذا وفق لسن سنة في الإسلام سواء بادر إليها، أو أحياها بعد أن أميتت «فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده» (١).

وذلك لأن السنة في الإسلام ثلاثة أقسام:

سنة سيئة: وهي البدعة، فهي سيئة وإن استحسنها من سنها، لقول النبي : «كل بدعة ضلالة» (٢).


(١) زيادة يقتضيها السياق، وقد ذكر الشيخ ذلك بعد أسطر.
(٢) أخرجه مسلم برقم (٨٦٧) عن جابر .

<<  <   >  >>