النوع الأول: أن تكون السنة مشروعة ثم يترك العمل بها ثم يُجددها من يجددها، مثل قيام رمضان بإمام، فإن النبي ﷺ شرع لأمته في أول الأمر الصلاة بإمام في قيام رمضان (١)، ثم تخلف خشية أن تفرض على الأمة، ثم ترك الأمر في آخر حياة النبي ﷺ، وفي عهد أبي بكر ﵁ وفي أول خلافة عمر، ثم رأى عمر ﵁ أن يجمع الناس على إمام واحد ففعل، فهو ﵁ قد سن في الإسلام سنة حسنة؛ لأنه أحيا سنة كانت قد تركت.
والنوع الثاني: من السنن الحسنة أن يكون الإنسان أول من يبادر إليها، مثل حال الرجل الذي بادر بالصدقة حتى تتابع الناس ووافقوه على ما فعل.
فالحاصل أن من سن في الإسلام سنة حسنة، ولا سنة حسنة إلا ما جاء به الشرع؛ فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده.
وقد أخذ هذا الحديث أولئك القوم الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه، فيبتدعون أذكارًا ويبتدعون صلوات ما أنزل الله بها من سلطان، ثم يقولون: هذه سنة حسنة، نقول: لا، كل بدعة ضلالة وكلها سيئة، وليس في البدع من حسن، لكن المراد في الحديث من سابق إليها وأسرع، كما هو ظاهر السبب في الحديث، أو من أحياها بعد أن أميتت فهذا له أجرها وأجر من عمل بها).
(١) يشير إلى حديث أم المؤمنين عائشة ﵂: أن رسول الله ﷺ صلى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله ﷺ، فلما أصبح قال: «قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان». أخرجه البخاري برقم (١١٢٩) ومسلم برقم (٧٦١).