وأما استغفار اللسان مع إصرار القلب على الذنب، فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه، وإن شاء رده.
وقد يكون الإصرار مانعا من الإجابة، وفي المسند من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا:«ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعملون»(١).
وقول القائل: أستغفر الله، معناه: أطلب مغفرته، فهو كقوله: اللهم اغفر لي، فالاستغفار التام الموجب للمغفرة: هو ما قارن عدم الإصرار، كما مدح الله أهله، ووعدهم بالمغفرة.
قال بعض العارفين: من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته، فهو كاذب في استغفاره.
وكان بعضهم يقول: استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير، وفي ذلك يقول بعضهم:
أستغفر الله من أستغفر الله … من لفظة بدرت خالفتُ معناها
وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد … سددتُ بالذنب عند الله مجراها
فأفضل الاستغفار ما اقتُرن به ترك الإصرار، وهو حينئذ توبة نصوح، وإن قال بلسانه: أستغفر الله وهو غير مقلع بقلبه، فهو داع لله بالمغفرة، كما يقول: اللهم اغفر لي، وهو حسن وقد يرجى له الإجابة.
وأما من قال: توبة الكذابين، فمراده أنه ليس بتوبة، كما يعتقده بعض الناس، وهذا حق، فإن التوبة لا تكون مع الإصرار.
(١) أخرجه أحمد في المسند برقم (٦٥٤١)، والبخاري في الأدب المفرد برقم (٣٨٠)، وصححه الألباني، ينظر: السلسلة الصحيحة برقم (٤٨٢).