للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقصودًا في المبيع فبان خلافُه، وهو قول أحمد ، وذهب أكثر العلماء، إلى أن مجرد هذا اللفظ لا يوجب الخيار بالغبن).

قال التوربشتي (١): (وتأويل الحديث على ذلك أن نقول: لقنه النبي هذا القول ليتلفظ به عند البيع؛ فيطلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر في معرفة السلع ومقادير القيمة فيها؛ فيمتنع بذلك عن مظان الغبن، ويرى له كما يرى لنفسه، وكان الناس في ذلك الزمان أحقاء بأن يعينوا أخاهم المسلم، وينظروا له أكثر ما ينظرون لأنفسهم).

وقد بين النبي لأصحابه فضل الأمانة في البيع والشراء وما كان عليه بعض الناس من أمانة في عصور سالفة، فعن أبي هريرة ، قال: قال النبي : «اشترى رجل من رجل عِقارًا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقارِه جرةً فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرضَ، ولم أبتع منك الذهبَ، وقال الذي له الأرض: إنما بعتُك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجلٍ، فقال: الذي تحاكما إليه: ألكُما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدَّقا» (٢).

وبين النبي : أن الأمانة والنصيحة والصدق في البيع والشراء تجلب البركة، والنماء والخير للبائع والمشتري، وأن الغش والخديعة والكذب تمحق البركة وتجلب سخط الله والعداوة بين الناس، فعن حكيم بن حزام


(١) ينظر: الميسَّر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (٢/ ٦٦٦)، وشرح مصابيح السنة لابن الملك (٣/ ٤٠١).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٣٤٧٢)، ومسلم برقم (١٧٢١).

<<  <   >  >>