وهذا الأمر بالإحسان تارة: يكون للوجوب؛ كالإحسان إلى الوالدين والأرحام، بمقدار ما يحصل به البر والصلة، والإحسان إلى الضيف، بقدر ما يحصل به قراه على ما سبق ذكره.
وتارة: يكون للندب، كصدقة التطوع ونحوها.
وهذا الحديث يدل على وجوب الإحسان في كل شيء من الأعمال، لكن إحسان كل شيء بحسبه:
فالإحسان في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنة: الإتيان بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القدر من الإحسان فيها واجب، وأما الإحسان فيها بإكمال مستحباتها فليس بواجب.
والإحسان في ترك المحرمات: الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٠]؛ فهذا القدر من الإحسان فيها واجب.
وأما الإحسان في الصبر على المقدورات، فأن يأتي بالصبر عليها على وجهه من غير تسخط ولا جزع.
والإحسان الواجب في معاملة الخلق ومعاشرتهم: القيام بما أوجب الله من حقوق ذلك كله.
والإحسان الواجب في ولاية الخلق وسياستهم، القيام بواجبات الولاية كلها، والقدر الزائد على الواجب في ذلك كله إحسان ليس بواجب.
والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب: إزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها وأوحاها من غير زيادة في التعذيب، فإنه إيلام لا حاجة إليه.