للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ [النحل: ١١٦]، فجعل التحليل والتحريم افتراءً عليه من قائلهما.

فإن قلت: قد يستنبط المجتهد من الأدلة تحريم شيء أو تحليله.

قلت: كونه من الأدلة هو من عند الله؛ لأنه أمر بالنظر فيها لإثبات الأحكام، وإنما الكلام فيمن حرم وحلل غير مستند إلى شيء (١).

وقال الشيخ الألباني (٢): (والآية ناعية على كثير من الفرق الضالة الذين تركوا كتاب الله تعالى وسنة نبيه لكلام علمائهم ورؤسائهم، والحق أحق بالاتباع، فمتى ظهر وجب على المسلم اتباعه، وإن أخطأه اجتهاد مقلِّدِه).

قال الآلوسي عقب الحديث (٣): (ونظير ذلك قولهم: فلان يعبد فلانًا؛ إذا أفرط في طاعته، فهو استعارة بتشبيه الإطاعة بالعبادة، أو مجاز مرسل بإطلاق العبادة، وهي طاعة مخصوصة على مطلقها، والأول أبلغ، وقيل: اتخاذهم أربابًا بالسجود لهم، ونحوه مما لا يصلح إلا للرب ﷿، وحينئذ فلا مجاز، إلا أنه لا مقال لأحد بعد صحة الخبر عن رسول الله .

وقد فرق شيخ الإسلام ابن تيمية بين من أطاع غيره في تبديل شرائع الدين معتقدًا أن ذلك هو الأفضل، وأن شرع الله تعالى لا يصلح للعمل به والاحتكام إليه، وبين من أطاعهم على سبيل المعصية ويعلم أنه عاص ولا يعتقد أن ما يفعل هو الخير، فالأول له نصيب من الكفر والشرك، والثاني كأمثاله من أهل الذنوب والمعاصي.


(١) ينظر: التحبير لإيضاح معاني التيسير للصنعاني (٢/ ١٨٥).
(٢) ينظر: السلسلة الصحيحة برقم (٣٢٩٣).
(٣) ينظر: روح المعاني للآلوسي (٥/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>