للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية (١): (وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله؛ اتباعًا لرؤسائهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركًا -وإن لم يكونوا يُصلون لهم ويسجدون لهم-؛ فكان من اتبع غيره في خلاف الدين، مع علمه أنه خلاف الدين، واعتقد ما قاله ذلك، دون ما قاله الله ورسوله ؛ مشركًا مثل هؤلاء.

والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتًا، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص؛ فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب، كما ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: «إنما الطاعة في المعروف» (٢).

وقال: «على المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره، ما لم يؤمر بمعصية» (٣)، وقال: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (٤)، وقال: «من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه» (٥).

ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام؛ إن كان مجتهدًا قصدُه اتباع


(١) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٧/ ٧٠).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٧٢٥٧)، ومسلم برقم (١٨٤٠)، عن علي .
(٣) أخرجه البخاري برقم (٢٩٥٥)، ومسلم برقم (١٨٣٩)، عن ابن عمر .
(٤) أخرجه أحمد في المسند برقم (١٠٩٥)، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي ، قال: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله ﷿».
(٥) أخرجه ابن حبان برقم (٤٥٥٨)، عن أبي سعيد الخدري .

<<  <   >  >>