للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومحصل جوابه: أن الاستغفار من التقصير في أداء الحق الذي يجب لله تعالى.

ويحتمل أن يكون لاشتغاله بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو جماع أو نوم أو راحة، أو لمخاطبة الناس والنظر في مصالحهم، ومحاربة عدوهم تارة ومداراته أخرى، وتأليف المؤلفة وغير ذلك، مما يحجبه عن الاشتغال بذكر الله والتضرع إليه ومشاهدته ومراقبته، فيرى ذلك ذنبًا بالنسبة إلى المقام العلي وهو الحضور في حظيرة القدس.

ومنها: أن استغفاره تشريع لأمته أو من ذنوب الأمة، فهو كالشفاعة لهم).

من فوائد الحديث:

أولًا: أهمية القلب، فهو ملك الأعضاء، والمعوَّل عليه في صلاح الإنسان وفساده، كما قال النبي : «ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (١).

ثانيًا: عدم الاغترار بالطاعة، وإنما ينبغي على المرء أن يشعر دائمًا بالتقصير، فإذا كان النبي وهو سيد الخلق وحبيب الحق يغان على قلبه، فكيف بمن دونه، نسأل الله أن يعصمنا من الزلل.

ثالثًا: كثرة الاستغفار تجلو القلب وتنيره، وتمحو السيئات.

قال ابن القيم (٢): (وقلت لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يومًا: سئل بعض أهل العلم: أيهما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟ فقال: إذا كان الثوب نقيًّا فالبخور وماء الورد أنفع له، وإذا كان دنسًا فالصابون والماء الحار أنفع له. فقال لي -رحمه الله تعالى-: فكيف والثياب لا تزال دنسة؟).


(١) أخرجه البخاري برقم (٥٢)، ومسلم برقم (١٥٩٩)، عن النعمان بن بشير .
(٢) ينظر: الوابل الصيب لابن القيم (ص ٩٢).

<<  <   >  >>