للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك الحالة بالإضافة إلى الجد تقصيرًا، إلا أن الحاجة تدعو إليها، فتكون بمثابة زمن الأكل والنوم والغائط).

وفي حوار أجراه الشيخ الدريعي مع أحد المشايخ، ومما قاله الشيخ في تعليقه على هذا الحديث: (إنه ينشغل بأمور الدعوة والتخطيط لعز الإسلام، وأحيانًا تستغرق هذه كثيرًا من وقته فتشغله عن ذكر الله والتلاوة والصلاة فيكون قد انشغل قلبه في أمور فاضلة عن الأمور التي هي أفضل).

وهذا الكلام حسن وجيد، وإن كنت لم أقتنع به قناعة تامة؛ لأن الدعوة ولوازمها من المكمِّلات لها هي رسالَتُه ومهمَّتُهُ التي بُعث من أجلها؛ فانشغاله بها هي ذكر لله تعالى، ولكن لعله كان يستغفر لما في الانشغال بهذه الأمور من كثرة ملاقاة الخلق ومنهم الكفار والمنافقون وأهل الجفاء والغلظة، ومداراتهم، فعدَّ ذلك مما يستغفر منه.

الأنبياء معصومون:

قال الحافظ ابن حجر (١): (وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي وهو معصوم، والاستغفار يستدعي وقوع معصية، وأجيب بعدة أجوبة، منها ما تقدم في تفسير الغين.

ومنها قول ابن الجوزي: هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد، والأنبياء وإن عُصموا من الكبائر فلم يعصموا من الصغائر، كذا قال، وهو مفرع على خلاف المختار، والراجح عصمتهم من الصغائر أيضًا.

ومنها قول ابن بطال: الأنبياء أشد الناس اجتهادًا في العبادة لما أعطاهم الله تعالى من المعرفة، فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير. انتهى.


(١) ينظر: فتح الباري لابن حجر (١١/ ١٠١).

<<  <   >  >>