للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعليق:

هذا الحديث يبين القاعدة التي تقول: لا ضرر ولا ضرار، فليس هناك حرية مطلقة لأحد يفعل ما يشاء، بحجة أنه يتصرف في حدود ما يملك، ولذلك ذكر شرَّاح الحديث أنه إذا اشترك اثنان في بيت يتكون من طابقين مثلًا وهو ما عبروا عنه بالعلو والسفل، فإذا أراد صاحب السفل أن يهدم، وأراد صاحب العلوِّ أن يبني علوَّه، فليس لصاحب السفل أن يهدم السفل إلا من ضرورة، يكون هدمه له أرفق لصاحب العلو؛ لئلا ينهدم بانهدامه العلو، وليس لربِّ العلو أن يبني على علوِّه شيئًا لم يكن قبل ذلك إلا الشيء الخفيف الذي لا يضر بصاحب السفل، ولو تكسرت خشبة من سقف العلو، لأدخل مكانها خشبةً ما لم تكن أثقل منها، ويخاف ضررها على صاحب السفل، وذكروا في ذلك أحكامًا كثيرة (١).

وهذا في شأن الدنيا، وأما في شأن الدين فالأمر أشد، فيجب على الجميع حفظ حدود الله تعالى، والأخذ على أيدي العابثين والمتلاعبين بأحكام الله، حتى لا تغرق السفينة، والله تعالى يقول: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال: ٢٥]، قال ابن عباس : «أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب» (٢)، وقال ابن كثير (٣): (يحذر تعالى عباده المؤمنين ﴿فِتْنَةً﴾، أي: اختبارًا ومحنة، يعم بها المسيء وغيره، لا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب، بل يعمهما، حيث لم تدفع وترفع).


(١) ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٧/ ١٣).
(٢) ينظر: تفسير القرطبي (٧/ ٣٩١).
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٣٧).

<<  <   >  >>