للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين عن زينب بنت جحش أنها سألت رسول الله فقالت له: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث» (١).

وفي السنن ومسند الإمام أحمد عن أبي بكر الصديق مرفوعًا: «إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمُّهم الله بعقاب من عنده» (٢).

وقال القرطبي عن حديث النعمان بن بشير (٣): (ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة، وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال علماؤنا: فالفتنة إذا عملت هلك الكل؛ وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير، وإذا لم تغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها، وهكذا كان الحكم فيمن كان قبلنا من الأمم، كما في قصة السبت حين هجروا العاصين وقالوا: لا نُساكنكم، وبهذا قال السلف ؛ روى ابن وهب عن مالك أنه قال: تُهجر الأرض التي يصنع فيها المنكر جهارًا ولا يستقرّ فيها).

ولا يجب التغيير إلا على المستطيع الذي له قوة ومنعة وسلطة.

قال ابن عبد البر (٤): (هذا واضح في أنه لا يلزم التغيير إلا من القوة والعزة والمنعة وأنه لا يستحق العقوبة إلا من هذه حاله، وأما من ضعف عن


(١) أخرجه البخاري برقم (٣٣٤٦)، ومسلم برقم (٢٨٨٠).
(٢) أخرجه أبو داود برقم (٤٣٣٨)، والترمذي برقم (٢١٦٨)، وابن ماجه برقم (٤٠٠٥)، وأحمد في المسند برقم (١).
(٣) ينظر: تفسير القرطبي (٧/ ٣٩٢).
(٤) ينظر: الاستذكار لابن عبد البر (٨/ ٥٨٦).

<<  <   >  >>