للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك فالفرض عليه التغيير بقلبه والإنكار والكراهة. قال عبد الله بن مسعود : بحسب المؤمن إذا رأى منكرًا لا يستطيع له تغييرًا أن الله يعلم من قلبه أنه له كاره).

من أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١): (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، وكل واحد من الأمة مخاطبٌ بقدر قدرته، وهو من أعظم العبادات، ومن الناس من يكون ذلك لهواه، لا لله.

وليس لأحد أن يزيل المنكر بما هو أنكر منه: مثل أن يقوم واحد من الناس يريد أن يقطع يد السارق، ويجلد الشارب، ويقيم الحدود؛ لأنه لو فعل ذلك لأفضى إلى الهرج والفساد؛ لأن كلَّ واحد يضرب غيره ويدعي أنه استحقَّ ذلك؛ فهذا مما ينبغي أن يقتصر فيه على ولي الأمر المطاع كالسلطان ونوابه.

وكذلك دقيق العلم الذي لا يفهمه إلا خواصُّ الناس، وجماع الأمر في ذلك بحسب قدرته، وإنما الخلاف فيما إذا غلب على ظن الرجل أن أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لا يطاع فيه، هل يجب عليه حينئذ؟ على قولين: أصحهما: أنه يجب وإن لم يقبل منه، إذا لم يكن مفسدة الأمر راجحة على مفسدة الترك، كما بقي نوح ألف سنة إلا خمسين عامًا ينذر قومه.

ولما قالت الأمَّة من أهل القرية الحاضرة البحر لواعظي الذين يعْدون في السبت: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾، أي: نقيم عذرَنا عند ربِّنا، وليس هداهم علينا، بل الهداية إلى الله (٢)،


(١) ينظر: المستدرك على مجموع الفتاوى (٣/ ٢٠٣).
(٢) ينظر: زاد المسير لابن الجوزي (٢/ ١٦٣)، وتفسير القرطبي (٧/ ٣٠٦)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٤٩٤).

<<  <   >  >>