للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يعتبر من معجزات الرسول ؛ حيث أن أويسًا قد حضر مع وفد في خلافة عمر بن الخطاب المدينة، ولما وصل الوفد علم عمر أن أويسًا مع هذا الوفد، فلما سأل عنه قال القوم: إنه عند رواحلهم، فذهب إليه وتركهم، ثم طلب منه عمر أن يستغفر الله له، وذكر أن الرسول أوصاه بذلك).

قال الوزير ابن هبيرة (١): (في هذا الحديث دليل على بركة الصالحين، وأن العبد المؤمن قد يبلغ إلى أن يتبرك به عمر (٢)، ويسأله الاستغفار، فيكون من فقه هذا أن يُتبع الأخيار وإن كانوا في الأطمار الرثة، وأن يتطلبوا وإن كانوا لا ذكر لهم في المحافل رجاء بركتهم.

* وفيه أيضًا أن أويسًا على كرم حاله أصابه البرص، وأن ذلك مما أصابه الله به ووفقه أن يسأل الله تعالى إبراءه منه، وأنه أبرأه منه إلا موضع درهم منه، يذكر به نعمته عليه، إذ من عادة الآدمي نسيان النعم إلا من وفقه الله.

* وفيه أيضًا ما يدل على أن من جملة وسائل أويس برُّه بوالدته، وأنها كانت من العلامات التي عرفه بها عمر .

* وفيه أيضًا أن أويسًا لما استغفر لعمر خلى سبيله وتركه وشأنه، ولعله قد آنس منه علمًا يكفيه في معاملته ربه.

* وفيه أيضًا من الفقه أنه كان يسأل عنه بعد ذلك من يأتي من العراق تعرفًا لخبره، وتعهدًا لأحواله لأنه كان صديقًا له في الله ﷿؛ إذ مرادهما واحد ومطلوبهما سواء.


(١) ينظر: الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة (١/ ٢٢٤).
(٢) أي: بدعائه واستغفاره كما أرشد الرسول .

<<  <   >  >>