للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* وفيه أيضًا من الفقه جواز حبِّ الخمول لمن يصلح في ذلك، لأنه لما انتشر خبره بالكوفة خرج عنها إلى حيث لا يعرف.

* وفيه أيضًا أنه بلغ به الزهد إلى الحال التي استُنكر عليه فيها وجودُ بردة لبسها؛ ومع ذلك كله فلا خلاف أن عمر أفضل منه ومن أمثاله، ولكن هذه الطريقة من المرابطة على عبادة الله باب من أبواب العبادات، وقد كان أويس أصلًا فيها، فكم ممن اقتدى به في زمانه وبعد موته ، ورضي عنه، وهذا إنما يباح لمن عرف من العلم قدر ما فرض الله سبحانه عليه).

قوله: «وكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم»: أبقى هذا الأثر ليذكر مكان هذا الداء، ثم عوفي فيبعثه ذلك على الزيادة في الشكر (١).

وقول النبي فيه: «له والدة، هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره»: إشارة إلى إجابة دعوته وعظيم مكانته عند ربه، وأنه لا يخيِّبُ أمله فيه، ولا يكذب ظنه به، ولا يردُّ دعوتَه ورغبتَه وعزيمتَه وقسَمه في سؤاله؛ بصدق توكله عليه، وتفويضه إليه.

وقيل: معنى «أقسم على الله»: دعى، و «أبره»: أجابه، وفيه فضل بر الوالدين، وعظيم أجر البر بهما.

وقوله (٢): «فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل»: لا يفهم من هذا أفضليته على عمر ، ولا أن عمر غير مغفور له، للإجماع على أن عمر أفضل منه، لأنه تابعي، والصحابي أفضل منه، إنما مضمون ذلك الإخبار بأن أويسًا ممن يستجاب له الدعاء، وإرشاد عمر إلى الازدياد من الخير


(١) ينظر: دليل الفالحين لطريق رياض الصابحين للبكري (٣/ ٢٣٥).
(٢) ينظر: المرجع السابق (٣/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>