للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحسن: أحبوا هونًا، وأبغضوا هونًا، فقد أفرط أقوام في حب أقوام، فهلكوا، وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا.

قال علي : أحبب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.

ورفعه بعضهم عن علي وعن أبي هريرة ، والصحيح أنه موقوف على علي .

قال الحليمي : (والاقتصاد في كل أمر أفضل وأجمل من البغي فيه، حتى الحب والبغض) (١).

يعني: لا يسرف في الحب والبغض، فعسى أن يصير الحبيب بغيضًا، والبغيض حبيبًا، فلا تكون قد أسرفت في الحب فتندم، ولا في البغض فتستحي.

والحديث فيه إرشاد إلى الاعتدال في الأمور، وعدم المبالغة والغلو في الحب والبغض، وأن كلا طرفي قصد الأمور ذميم، والأمر هنا للندب.

وألَمَّ بمعنى الحديث من قال (٢):

وأحبب إذا أحببتَ حبًّا مقاربًا … فإنَّك لا تدري متى أنت نازعُ

وأبغض إذا أبغضتَ غير مباينٍ … فإنك لا تدري متى أنت راجع

وكن معدنًا للخير واصفح عن الأذى … فإنك راءٍ ما عملتَ وسامع

وقال ابن العربي في فوائد هذا الاقتصاد (٣): (أن القلوب بين إصبعين


(١) ينظر: شعب الإيمان للبيهقي (٨/ ٥١٤).
(٢) ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني (١/ ٤٠٠).
(٣) ينظر: فيض القدير للمناوي (١/ ١٧٦).

<<  <   >  >>