للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أصابع الرحمن فقد يعود الحبيب بغيضًا وعكسه، فإذا أمكنته من نفسك حال الحب وعاد بغيضًا، كان لمعالم مضارِّك أجدر، لما اطلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار.

وهذا الاقتصادُ في الحب والبغض لا يمنع من النصيحة عند البغض، ولا يمنع المحبُّ من إعلام الشخص المحبوب بأنه يحبه، فإن هذا أدوم للمحبة، ففي الحديث عن المِقدام بن معدي كرب وقد كان أدركَه- عن النبي ، قال: «إذا أحَبَّ الرجُلُ أخاهُ فَليُخبِرْهُ أنه يُحبُّه» (١).

قال البغوي (٢): (ومعنى الإعلام: هو الحث على التودد والتآلف، وذلك أنه إذا أخبره، استمال بذلك قلبه، واجتلب به ودِّه.

وفيه: أنه إذا علم أنه محبٌّ له، قبل نصحه فيما دله عليه من رشَده، ولم يردّ قوله فيما دعاه إليه من صلاحٍ خَفِي عليه باطنُه.

قال ابن عمر : ليس المعرفة أن تعرف الرجل بوجهه، حتى تعرف اسمه واسم أبيه، وإذا مات شهدت جنازته).

من فوائد الحديث:

أولًا: الاقتصاد في الأمور وعدم المبالغة والغلو حتى في المشاعر، وذلك كي يظل المرء متماسكًا متحكمًا في نفسه، ولا يصل إلى منزلة من قال:

أحبُّ لحبها السودانَ حتى … أحب لحبِّها سودَ الكلابِ


(١) أخرجه أبو داود برقم (٥١٢٤)، والترمذي برقم (٢٣٩٢)، وأحمد في المسند برقم (١٧١٧١)، وقالالترمذي: حسن صحيح غريب، وصححه الألباني.
(٢) ينظر: شرح السنة (١٣/ ٦٧).

<<  <   >  >>