للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثلاثة أيام ورغب في أنها تكون أيام البيض، سأل عائشة هل كان يخصُّها بالبيض، فقالت: «لا، كان عمله ديمة»، تعني: لو جعلها البيض لتعيَّنت وداوم عليها، لأنه كان يحب أن يكون عمله دائمًا، لكن أراد التوسعة بعدم تعينها، فكان لا يبالي من أي الشهر صامها كما تقدمت الإشارة إليه في باب صيام البيض، وأن مسلمًا روى من حديث عائشة : «أنه كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وما يبالي من أي الشهر صام» (١).

وقد أورد ابن حبان حديث الباب وحديث عائشة في صيام الاثنين والخميس وحديثها: «كان يصوم حتى نقول لا يفطر» (٢)، وأشار إلى أن بينهما تعارضًا، ولم يفصح عن كيفية الجمع بينهما، وقد فتح الله بذلك من فضله).

وقال العيني (٣): (قوله: «هل كان يخصُّ شيئًا من الأيام»، أي: بعبادة مخصوصة لا يفعل مثلها في غيره، فقالت: «لا»، قيل: هو معارض بقولها: «ما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان» (٤)، وأجيب: بأنه لا تعارض؛ لأنه كان كثير الأسفار فلا يجد سبيلًا إلى صيام الثلاثة الأيام من كل شهر فيجمعها في شعبان، وإنما كان يوقع العبادة على قدر نشاطه وفراغه من جهاده).

وقد كان النبي ينهى عن الغلو في العبادة ويحذر من ذلك، كما في حديث عائشة ، أن النبي دخل عليها وعندها امرأة، فقال: «من


(١) أخرجه مسلم برقم (١١٦٠).
(٢) تمام الحديث عن عائشة قالت: «كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان»، أخرجه البخاري برقم (١٩٦٩)، ومسلم برقم (١١٥٦).
(٣) ينظر: عمدة القاري للعيني (٢٣/ ٦٥).
(٤) جزء من الحديث السابق، ينظر: تخريجه.

<<  <   >  >>