للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقع لي ذلك. وقيل: هو عائد إلى الدنيا بالبركة فيه ودفع المفسدات عنه. وقيل: إلى الآخرة بالثواب والتضعيف والقولان جاريان في عزِّ العبد بعفوِه ورفعته بتواضعِه. وقال النووي (١): قد يكون المراد الوصفان معًا في الأمور الثلاثة).

قال القاضي عياض (٢): (وقوله: «وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا»: فيه أيضًا وجهان:

أحدهما: ظاهره أن من عرف بالصفح والعفو ساد وعظم في القلوب وزاد عزُّه.

الثاني: أن يكون أجره على ذلك في الآخرة وعزته هناك.

وقوله: «وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله»: فيه وجهان كذلك:

أحدهما: أن الله تعالى يمنحه ذلك في الدنيا جزاء على تواضعه له، وأن تواضعه يثبت له في القلوب محبة ومكانة وعزةً.

والثاني: أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه.

وهذه الوجوه كلها في الدنيا ظاهرة موجودة، وقد صدق فيما أخبر منها، وقد يكون جمع الوجهين في جميعها، وكان هذا كلُّه تنبيها على ردِّ قول من يقول: الصبر والحلم الذل، ومن قاله من الجملة فإنما أراد به شِبهَه في الاحتمال وعدم الانتصار).

وقد قيل في بعض الحكم: (لا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعلم) (٣).


(١) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٤٢).
(٢) ينظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (٨/ ٥٩).
(٣) ينظر: البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي (١/ ١١)، ونثر الدر لأبي سعد الآبي (١/ ١٢٤).

<<  <   >  >>