للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منفعة ولا دفع مضرة إلا بتوفيق الله تعالى، ولذلك فإن المؤمن يكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، ليتبرأ من حوله وقوته، وغناه واستطاعته ومكانته ومعارفه وحاشيته وسلطانه، ويستمد حصول كل خير ودفع كل شر من الله تعالى وحده.

كتب شيخ الإسلام ابن تيمية من نظمه ما يدل على ذلك، فقال (١):

أنا الفقيرُ إلى ربِّ البرياتِ … أنا المُسيكينُ في مجموعِ حالاتي

أنا الظلومُ لنفْسي وهي ظالمتي … والخيرُ إن يأتنا من عندِه يأتي

لا أستطيعُ لنفسي جلبَ منفعةٍ … ولا عن النفسِ لي دفعُ المضرَّاتِ

وليس لي دونَه مولًى يدبرني … ولا شفيعٌ إذا حاطتْ خطيئاتي

إلا بإذنٍ من الرحمن خالقِنا … إلى الشفيع كما قد جا في الآياتِ

ولستُ أملك شيئًا دونه أبدًا … ولا شريك أنا في بعضِ ذراتِ

ولا ظهير له كي يستعينَ به … كما يكون لأربابِ الولاياتِ

والفقرُ لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبدًا … كما الغنى أبدًا وصفٌ له ذاتي

وهذه الحالُ حالُ الخلق أجمعهم … وكلُّهم عنده عبدٌ له آتي

فمن بغى مطلبًا من غير خالقِه … فهو الجهولُ الظلومُ المشركُ العاتي

والحمدُ لله ملءَ الكونِ أجمعِه … ما كان منه وما من بعدُ قد يأتي

قال النووي (٢): (قوله : «لا حول ولا قوة إلا بالله كنزٌ من كنوز الجنة»، قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله


(١) ينظر: مدارج السالكين لابن القيم (١/ ٥٢٠)، والمستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية (١/ ١٤٤).
(٢) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٧/ ٢٦)

<<  <   >  >>