للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رؤيا عجيبة:

قال الماوردي (١): (رأيت رسول الله في المنام ذات ليلة فقلت: يا رسول الله أوصني: فقال: «استح من الله ﷿ حق الحياء»، ثم قال: تغير الناس، قلت: وكيف ذلك يا رسول الله؟، قال: «كنت أنظر إلى الصبي فأرى من وجهه البشر والحياء، وأنا أنظر إليه اليوم فلا أرى ذلك في وجهه» (٢).

ثم تكلم بعد ذلك بوصايا وعظات تصورتها، وأذهلني السرور عن حفظها ووددت أني لو حفظتها.

فلم يبدأ بشيء قبل الوصية بالحياء من الله ﷿، وجعل ما سلبه الصبيُّ من البِشر والحياءِ سببًا لتغير الناس، وخصَّ الصبي؛ لأن ما يأتيه بالطبع من غير تكلف.

فصلى الله وسلم على من هدى أمته، وتابع إنذارها، وقطع أعذارها، وأوصل تأديبها، وحفظ تهذيبها، وجعل لكل عصر حظًّا من زواجره، ونصيبًا من أوامره. أعاننا الله على قبولها بالعمل، وعلى استدامتها بالتوفيق).

من فوائد الحديث:

الأول: فيه: تعظيم لقدر صفة الحياء، وأنه الخلق الذي يردع من ارتكاب القبيح، وذلك معلوم عند العقلاء، ولذلك قيل (٣):

إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي … ولم تستحْ فاصنع ما تشاءُ

فلا والله ما في العيشِ خيرٌ … ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ

يعيش المرء ما استحيا بخير … ويبقى العودُ ما بقي اللِّحاء


(١) ينظر: أدب الدنيا والدين للماوردي (ص ٢٤٩).
(٢) إذا كان هذا في عصر الماوردي المتوفي سنة ٤٥٠ هجرية فكيف بعصرنا هذا؟! نسأل الله السلامة والعافية.
(٣) ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني (١/ ١٩٢)، وأدب الدنيا والدين للماوردي (ص ٢٤٨).

<<  <   >  >>