للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله : «ومن ادعى ما ليس له فليس منا»: (قال العلماء: معناه ليس على هدينا وجميل طريقتنا، كما يقول الرجل لابنه: لست مني) (١).

وهذا عامٌّ لأنه يشمل من ادعى أبًا غير أبيه، كما يشمل من ادعى أي شيء له، فيدخل فيه جميع الادعاءات الباطلة، سواء كانت مالًا أو علمًا أو نسبًا أو قوة أو شرفًا أو حالًا أو صلاحًا أو نعمة أو ولاء أو غير ذلك (٢).

ومن العقوبات أيضًا: أن المدعي ما ليس له يحصل له نقيض مطلوبه، فمن تظاهر بشيء من الكمال، وتعاطاه وادعاه لنفسه وليس موصوفًا به، لم يحصل له من ذلك إلا نقيض مقصوده وهو النقص، فإن كان المدعى مالًا لم يبارك له فيه، أو علمًا أظهر الله جهله فاحتقره الناس، فقلَّ مقداره عندهم.

وكذلك لو ادعى دينًا أو نسبًا أو غير ذلك فضحه الله وأظهر باطله، فقلَّ مقداره عند الناس، وذلَّ في نفسه فحصل على نقيض قصده، وهذا نحو قوله : «من أسر سريرة ألبسه الله تعالى رداءها» (٣).

ونحو قوله تعالى: ﴿وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ [آل عمران: ١٨٨]، وقوله : «المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور» (٤)، رواه مسلم (٥).


(١) ينظر: شرح النووي على مسلم (٢/ ٥٠).
(٢) ينظر: فتح المنعم شرح صحيح مسلم لموسى شاهين (١/ ٢٣٢).
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير برقم (١٧٠٢)، وضعفه الحافظ ابن كثير في جامع المسانيد والسنن (٢/ ٢١٩).
(٤) أخرجه البخاري برقم (٥٢١٩)، ومسلم برقم (٢١٣٠) عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخرجه مسلم برقم (٢١١٩) عن عائشة .
(٥) ينظر: الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم للهرري (٣/ ١٦١).

<<  <   >  >>