وأما قوله:«ومن دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك؛ إلا حار عليه»:
قال النووي ﵀(١): (هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات من حيث إن ظاهره غير مراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصي؛ كالقتل والزنا، وكذا قوله لأخيه: كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام، وإذا عرف ما ذكرناه فقيل في تأويل الحديث أوجه:
أحدها: أنه محمول على المستحل لذلك، وهذا يكفر، فعلى هذا معنى باء بها، أي: بكلمة الكفر، وكذا حار عليه، وهو معنى رجعت عليه، أي: رجع عليه الكفر، فباء وحار ورجع بمعنى واحد.
والوجه الثاني معناه: رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره.
والثالث: أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين، وهذا الوجه نقله القاضي عياض ﵀ عن الإمام مالك بن أنس، وهو ضعيف، لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع.
والوجه الرابع معناه: أن ذلك يؤول به إلى الكفر، وذلك أن المعاصي كما قالوا: بريد الكفر، ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر.
والوجه الخامس: معناه: فقد رجع عليه تكفيره، فليس الراجع حقيقة الكفر، بل التكفير، لكونه جعل أخاه المؤمن كافرًا، فكأنه كفَّر نفسه؛ إما لأنه كفَّر