للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستقيمة يحتاج المصلّي ان ينحرف الى باب البصرة. وكانت الأسواق في مدينته فجاءه رسول لملك الروم. فأمر الربيع فطاف به في المدينة. فقال: كيف رأيت. قال:

رأيت بناء حسنا الا اني رأيت أعدائك معك وهم السوقة. فلما عاد الرسول عنه أمر بإخراجهم الى ناحية الكرخ وأمران يجعل في كل ربع من مدينته بقّال يبيع البقل والخل حسب. في سنة خمسين ومائة مات ابو حنيفة النعمان بن ثابت الامام. وفي سنة ثماني وخمسين ومائة سار المنصور من بغداد ليحجّ فنزل قصر عبدويه فانقضّ في مقامه هنالك كوكب بعد اضاءة الفجر وبقي اثره بيّنا الى طلوع الشمس. فأحضر المهدي ابنة وكان قد صحبه ليودّعه فوصله بالمال والسلطان. وقال له ايضا: أوصيك بأهل بيتك ان تظهر كرامتهم فانّ عزّك عزّهم وذكرهم لك وما اظنّك تفعل. وانظر مواليك وأحسن إليهم واستكثر منهم فإنهم مادتك لشدّة ان نزلت بك وما أظنك تفعل. وانظر هذه المدينة وإياك ان تبني المدينة الشرقية فإنك لا تتم بناءها وأظنك ستفعل. وإياك ان تدخل النساء في أمرك وأظنك ستفعل. هذه وصيتي إليك والله خليفتي عليك. ثم ودّعه وبكى كل منهما الى صاحبه. ثم سار الى الكوفة وكلما سار منزلا اشتد وجعه الذي مات به وهو القيام. فلما وصل الى بئر ميمون مات بها مع السحر لستّ خلون من ذي الحجة سنة ثماني وخمسين ومائة. وحمل الى مكة وحفروا له مائة قبر ليعمّوا على الناس ودفن في غيرها مكشوف الرأس لإحرامه وكان عمره ثلثا وستين سنة وكانت مدة خلافته اثنتين وعشرين سنة. وقيل في صفته وسيرته انه كان أسمر نحيفا خفيف العارضين وكان من احسن الناس خلقا ما لم يخرج الى الناس واشدّهم احتمالا لما يكون من عبث الصبيان. فإذا لبس ثيابه وخرج هابه الأكابر فضلا عن الأصاغر. ولم ير في داره لهو ولا شيء من اللعب والعبث. قال حماد التركي: كنت واقفا على رأس المنصور فسمع جلبة فقال: انظر ما هذا. فذهبت فإذا خادم له قد جلس وحوله الجواري وهو يضرب لهن بالطنبور وهنّ يضحكن فأخبرته فقال: واي شيء الطنبور. فوصفته له. فقال: ما يدريك أنت ما الطنبور. قلت: رأيته بخراسان. فقام ومشى اليهنّ. فلما رأينه تفرّقن. فأمر بالخادم فضرب رأسه بالطنبور حتى تكسّر الطنبور وأخرجه فباعه. ولما افضى اليه الأمر أمر بتغيير الزي وتطويل القلانس. فجعلوا يحتالون لها بالقصب من داخل. وأمر بعدّ دور اهل الكوفة وقسمة خمسة دراهم على كل دار. فلما عرف عددهم جباهم أربعين درهما أربعين درهما.