للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مذاكراته غير رادّ على احد الّا بطريق الحقيقة. ومنهم عليّ بن العبّاس المجوسيّ فاضل كامل فارسيّ الأصل قرأ على شيخ فارسيّ يعرف بأبي ماهر وطالع هو اجتهد وصنف للملك عضد الدولة بن بويه كتابه [١] المسمّى بالملكيّ وهو كتاب جليل وكنّاش نبيل مال الناس اليه في وقته ولزموا درسه الى ان ظهر كتاب القانون لابن سينا فمالوا اليه وتركوا الملكيّ بعض الترك. والملكيّ في العمل ابلغ والقانون في العلم اثبت. ومنهم نظيف القسّ [٢] الرومي كان طبيبا عالما بالنقل من اليوناني الى العربي ولم يكن سعيد المباشرة ولا منجح المعالجة وكان الناس يتطيرون به ويولعون [٣] به إذا دخل الى مريض حتى انه حكى في بعض أوقاته ان عضد الدولة أنفذه الى بعض القوّاد ليعوده في مرض كان عرض له. فلما خرج من عند القائد استدعى القائد ثقته وأنفذه الى حاجب عضد الدولة يستعلم منه نيّة الملك فيه. ويقول: ان كان ثمّ تغيّر نيّة فليأخذ له الأذن في الانصراف والبعد فقد قلق لما جرى. وسأله الحاجب عن السبب. فقال: ما اعرف اكثر من انه جاء نظيف الطبيب وقال له: مولانا الملك انفذني لعيادتك. فمضى الحاجب وأعاد بحضرة عضد الدولة هذا القول. فضحك وأمره باعلامه حسن نيّة الملك فيه وحملت اليه خلع سنيّة سكنت نفسه بها. ومنهم عبيد [٤] الله بن الحسن ابو القاسم المعروف بغلام زحل المنجم مقيم ببغداد من أفاضل الحسّاب والمنجمين اصحاب الحجج والبراهين وله يد طولى فيما يعانيه من هذا الشأن. ذكر انه اجتمع يوما عند ابي سليمان المنطقيّ جماعة من سادة علماء الأوائل وأخذوا في المذاكرة فذكروا في علم النجامة وقالوا: هي من العلوم التي لا تجدي فائدة ولا يصحّ لها حكم. فأطالوا القول في ذلك. فقال بعضهم: ايها القوم اختصروا الكلام وقربوا البغية هل تصح الأحكام. فقال غلام زحل: عن هذا جواب يستثبت على كل وجه. فقيل: لم بيّن. قال لان صحتها وبطلانها يتعلقان بآثار الفلك وقد يقتضي شكل الفلك في زمان ان لا يصحّ منها شيء وان غيص [٥] على دقائقها وبلغ الى أعماقها. وقد يزول ذلك الشكل فيجيء زمان لا يبطل منها شيء فيه وان قورب في الاستدلال. وقد يتحول هذا الشكل في وقت آخر الى ان يكثر الصواب فيها والخطأ.

ومتى وقف الأمر على هذا الحدّ فلا يثبت على قول قضاء ولا يوثق بجواب. فقال ابو


[١-) ] كتابه ر كنّاشه.
[٢-) ] القس ر النفس.
[٣-) ] يولعون ر يعلون ويولون.
[٤-) ] عبيد ر عبد.
[٥-) ] غيص ر غيض.