للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب بسبب انه قد صار لي على ظهر القلب وفرحت بذلك وتصدّقت بشيء على الفقراء شكرا لله تعالى. فلما بلغت ثماني عشرة سنة من عمري فرغت من هذه العلوم كلها وكنت إذ ذاك للعلم احفظ ولكنه اليوم معي انضج والا فالعلم واحد لم يتجدّد لي.

بعده شيء. ثم مات والدي وتصرفت بي الأحوال وتقلدت شيئا من اعمال السلطان.

ودعتني الضرورة الى الارتحال من بخارا والانتقال عنها الى جرجان وكان قصدي الأمير قابوس فاتفق في اثناء هذا أخذ قابوس وحبسه وموته. ثم مضيت الى دهستان ومرضت بها مرضا صعبا وعدت الى جرجان وأنشأت في حالي قصيدة فيها بيت القائل:

لما عظمت فليس مصر واسعي ... لما غلا ثمني عدمت المشتري

قال ابو عبيدة الجوزجاني [١] : الى ههنا انتهى ما حكاه الشيخ عن نفسه. وفي هذا الموضع اذكر انا بعض ما شاهدت من أحواله في حال صحبتي له والى حين انقضاء مدّته. قال: في مدة مقامه بجرجان صنّف اوّل القانون ومختصر المجسطيّ وغير ذلك.

ثم انتقل الى الريّ واتصل بخدمة السيدة وابنها مجد الدولة. ثم خرج الى قزوين ومنها الى همذان فاتصل بخدمة كدبانويه [٢] وتولّى النظر في أسبابها. ثم سألوه تقلّد الوزارة فتقلّدها. ثم اتفق تشويش العسكر عليه وإشفاقهم منه على أنفسهم فكبسوا داره وأخذوه الى الحبس وأخذوا جميع ما كان يملكه وساموا الأمير شمس الدولة قتله فامتنع منه وعدل الى نفيه عن الدولة طلبا لمرضاتهم. فتوارى الشيخ في دار بعض اصدقائه أربعين يوما.

فعاد الأمير طلبه وقلّده الوزارة ثانيا. ولما توفّي شمس الدولة وبويع ابنه طلبوا ان يستوزر الشيخ فأبى عليهم وتوارى في دار ابي غالب العطّار وهناك اتى على جميع الطبيعيات والإلهيات ما خلا كتابي الحيوان والنبات من كتاب الشفاء. وكاتب علاء الدولة سرا يطلب المسير اليه فاتّهمه تاج الملك بمكاتبته وأنكر عليه ذلك وحثّ في طلبه.

فدلّ عليه بعض أعدائه فأخذوه وأدّوه الى قلعة يقال لها بردجان [٣] وأنشأ هناك قصيدة فيها:

دخولي باليقين [٤] كما تراه ... وكلّ الشكّ في امر الخروج

وبقي فيها اربعة أشهر. ثم أخرجوه وحملوه الى همذان ثم خرج منها متنكرا وانا


[١-) ] الجوزجاني ر الجورجاني.
[٢-) ] ويروى: كربانويه وكذبانويه.
[٣-) ] بردجان ر بردوان.
[٤-) ] دخولي باليقين ر في احدى نسختي اكسفرد: دخول النفس فيك.