للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليمنعها من عزّ الدين صاحب الموصل. وفيها أول جمادى الاولى قتل سيف الدين بكتمر صاحب خلاط وكان بين قتله وموت صلاح الدين شهران. فانه أسرف في اظهار الشماتة بموت صلاح الدين وفرح فرحا كثيرا فلم يمهله الله تعالى. وملك بعده ظهير الدين هزار ديناري خلاط وهو ايضا من مماليك شاه ارمن. وفيها سلخ شعبان توفّي أتابك عزّ الدين مسعود بن مودود بن زنكي بن اقسنقر صاحب الموصل بالموصل وملك بعده ابنه نور الدين ارسلان شاه. وكان عزّ الدين خيّرا محسنا حليما قليل المعاقبة حييّا كثير الحياء لم يكلّم جليسا له الا وهو مطرق وما قال في شيء سئله حبّا وكرم طبع.

وفي سنة احدى وتسعين وخمسمائة كتب ألفنش ملك الفرنج ومقرّ ملكه طليطلة الى يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن كتابا يقول فيه: انك امير المسلمين ولا يخفى عليك ما هم عليه رؤساء الأندلس من التخاذل وإهمال الرعية واشتمالهم على الراحات وانا اسومهم الخسف وأخلي الديار وأسبي الذراريّ وأمثّل بالكهول واقتل الشّبّان ولا عذر لك في التخلّف عن نصرتهم وأنت تعتقد ان الله فرض عليكم قتال عشرة منّا بواحد منكم.

والآن نخفف عنكم فنحن نقاتل عددا منكم بواحد منّا. ثم بلغني عنك انك أخذت في الاحتفال وتمطل نفسك عاما بعد عام تقدم رجلا وتؤخر اخرى ولا ادري ألجبن ابطأ بك أم التكذيب بما أنزل عليك. وانا أقول لك ما فيه المصلحة ان تتوجّه بجملة من عندك في الشواني والمراكب واجوز إليك بجملتي وأبارزك في اعزّ الأماكن عندك فان كانت لك فغنيمة عظيمة جاءت إليك وهديّة مثّلث بين يديك وان كانت لي كانت يدي العليا عليك واستحققت ملك الملّتين والتقدم على الفئتين [١] . فلما قرأ يعقوب كتابه جمع العساكر وعبر المجاز الى الأندلس واقتتلوا قتالا شديدا فكانت الدائرة أولا على المسلمين ثم عادت على الفرنج فانهزموا أقبح هزيمة وغنم المسلمون منهم شيئا عظيما. فلا يفخرن ثروان بثروته ولا جبّار بجبروته ومن يفتخر فبالله تعالى فليفتخر كما جاء في الكتاب الالهي. ثم ان الفنش عاد الى بلاده وركب بغلا وأقسم انه لا يركب فرسا حتى تنصره ملوك فرنجة فجمعوا الجموع العظيمة وجرت لهم مع المسلمين وقائع كثيرة الى ان ملكوا الآن اكثر مدن الأندلس.

وفي سنة اثنتين وتسعين سار الملك العزيز من مصر الى دمشق وحصرها وأرسل الى أخيه الأفضل ان يفارق القلعة ويسلّم البلد على قاعدة ان تعطى قلعة صرخد له ويسلّم


[١-) ] الفئتين ر القبلتين.