للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عدم التنازل عن أي جزء من الممتلكات التي اغتصبها، فإن مؤتمر وادي الصومام قد ثبت في وثائقه أن الإصلاح الزراعي الحقيقي هو الحل الوطني لمشكلة البؤس الذي تتخبط فيه البوادي (١).

لقد كانت الزراعة هي المجال الاقتصادي الوحيد الذي حظي بمعالجة تكاد تكون مفصلة نظراً لما له من أهمية وللمكانة التي يحتلها أبناء الريف في صفوف الثورة، لكن ذلك لا يعني أن المجالات الأخرى قد أهملت أو أبعدت عن اهتمامات المؤتمر.

فالدارس لوثيقة وادي الصومام يرى بكل بساطة أن الأهداف الأساسية التي أعلنت عنها جبهة التحرير الوطني في ندائها الأول لم تتغير، بل على العكس، فإن المؤتمرين قد أضافوا عليها، نتيجة الخبرة المكتسبة طيلة حوالي عامين من

الكفاح المسلح، كثيراً من التفاصيل والتوضيحات التي تقربها إلى فهم الجماهير الشعبية الواسعة (٢).

ومن المعلوم، لدى كل الباحثين المهتمين بتاريخ ثورة نوفمبر، أن الأهداف الرئيسية التي ضبطتها جبهة التحرير الوطني وأعلنت عنها في أول بيان لها تتمحور كلها حول نقطة واحدة هي هدم النظام الاستعماري حيثما وجد وبكل الوسائل التي يمكن الحصول عليها. معنى ذلك أن الشرارة الأولى التي انطلقت يجب أن تنتشر بكل سرعة لتشمل كافة أنحاء الوطن وأن يظل اللهب مستعراً إلى أن يتم تحرير الأرض وتحرير الإنسان.

ففي إطار التحرير المذكور يمكن أن ندرج برنامج الثورة في المجالين الثقافي والاقتصادي.

فالاستعمار الفرنسي الذي أصاب بلادنا في نهاية الثلث الأول من القرن الماضي كان من أبشع أنواع الاستعمار وأكثرها شراسة لأنه كان استيطانياً، ولأنه كان من منطلق ديني واقتصادي وحضاري في آن واحد.

ولقد كان الذي وقع ليلة الفاتح من نوفمبر سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف بداية ثورة شهد التاريخ أنها من أعظم ما عرف العالم المعاصر، ولأنها كانت ثورة، فإنها استهدفت تحرير الأرض وتحرير الإنسان في ذات الوقت وهما مهمتان تتطلبان أكثر من وقف إطلاق النار.


(١) المجاهد- العدد الخاص، ص ٦٨.
(٢) لقد كانت تلك الأهداف، في الحقيقة، هي نفس الأهداف التي تضمنها البرنامج السياسي الذي صادق عليه نجم شمال إفريقيا سنة. ١٩٣٣ انظر الملحق رقم ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>