للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجبهة التحرير الوطني فحسب ولكنها تكشف، أيضاً، عن وجود مؤامرة كبرى شرع في تنفيذها منذ ماقبل وقف إطلاق النار قصد إجهاض الثورة وإفراغها من محتواها الحقيقي، وفيما يلي نوجز أهم هذه الاستنتاجات:

١ - أن جبهة التحرير الوطني بنت شرعية لنجم شمال أفريقيا (١)، ولم تكن أيديولوجيتها، عشية بدء الكفاح المسلح سوى نفس أيديولوجية النجم التي راجعتها وآثرتها مؤتمرات حزب الشعب الجزائري وحركة الانتصار للحريات الديمقراطية.

ولقد كانت هذه الأيديولوجية، منذ صياغتها الأولى، بينة، واضحة المعالم تنطلق من واقع الشعب الجزائري فتضبطه بدقة ثم تحدد سبل تغييره وتضع الخطوط العريضة للمجتمع الجديد المزمع بناؤه بعد التخلص من الهيمنة الأجنبية.

أما واقع الشعب الجزائري المشار إليه فتميزه أوضاع الظلم والتعسف والاستبداد والاستغلال المفروضة على الجماهير الشعبية بواسطة قوانين وأوامر لاتخضع لأي منطق (٢)، بل همها فقط خدمة مصلحة غلاة المعمرين الذين يجمعون بين أيديهم الأراضي الخصبة والأموال الطائلة والسلطة المطلقة، ويتميز ذلك الواقع، أيضاً، بوجود أصناف من الجزائريين فطموا على حب الاستعمار، وتشبع جزء منهم بأفكاره فصاروا يطالبون بالمساواة الموهومة مع الأوربيين تارة أخرى، ولإبقاء هذه الأصناف تعيش على الأوهام وتجري وراء الأحلام، كانت السلطات الاستعمارية تصدر من حين لآخر قانوناً إصلاحياً يبقى حبراً على ورق بسبب معارضة الكولون له.

وزيادة على كل ماتقدم، فإن واقع الشعب الجزائري يعني كذلك أمية أكثر من ٩٠% من السكان، وتجهيلاً منظماً من أجل فصل المجتمع الجزائري عن أسسه التاريخية ومنطلقاته الحضارية، وبطالة فعلية بالنسبة للأغلبية الساحقة من المواطنات والمواطنين، واغتصاباً متواصلاً لملكية الأعراش والأفراد.

وإذا كان هذا هو الواقع، فإن سبل تغييره تمر حتماً بضرورة العمل على تقويض أركان الاستعمار الذي يؤبد حالة التبعية ويسد طريق التطور والتقدم في وجه الشعب الجزائري، وفي هذا المجال، فإن توجه نجم شمال أفريقيا واضح للغاية إذ تدعو إلى استعمال جميع الوسائل الممكنة للقضاء على النظام


(١) الملحق رقم٣.
(٢) انظر الباب الثالث، حيث تفاصيل الأسس التاريخية لجبهة التحرير الوطني.

<<  <  ج: ص:  >  >>