للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعماري، ويرى أن الكفاح المسلح يأتي في مقدمة هذه الوسائل، لأن التاريخ القريب أثبت أن غلاة المعمرين لايفهمون سوى لغة العنف لكن الكفاح المسلح وحده لايكفي، ولذلك يجب أن يكون مشفوعاً بعمليات واسعة النطاق لتوعية الجماهير الشعبية بحقيقة الواقع المفروض عليها ولتكوينها سياسياً بحيث تسهل تعبئتها في الوقت المناسب ففي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى فتح المدارس الحرة لاستقبال ماأمكن من أبناء المواطنين قصد تعليمهم مبادئ اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا ومن أجل غرس الروح الوطنية في نفوسهم (١)، وإلى تكوين فروع الكشافة الإسلامية في مختلف أنحاء الوطن وإنشاء الجمعيات الخيرية لمواساة الفقراء والمساكين ولتكوين قنوات مفتوحة في اتجاه الجماهير الشعبية الواسعة، أما أكبر إنجاز فيبقى هو تأسيس المنظمة الخاصة التي أسندت لها مهمة تكوين المناضلين الشباب تكويناً عسكرياً وأيديولوجياً استعداداً لخوض المعركة الحاسمة.

وعلى إثر استرجاع الاستقلال الوطني وإجلاء قوات الاحتلال، فإن الجزائر تشكل حكومة ثورية وتنشئ جيشاً وطنياً مباشرة بعد انتخاب المجلس التأسيسي بواسطة الاقتراع العام، وفي الجزائر المستقلة تكون اللغة العربية هي اللغة

الرسمية وتستعيد الدولة جميع البنوك والمناجم والسكك الحديدية والموانئ والمصالح العمومية التي كانت مغتصبة من طرف الغزاة، كما أنها تصادر الملكيات الكبيرة التي استحوذ عليها الإقطاعيون والمعمرون والجمعيات المالية، وتوزعها على الفلاحين الصغار مع احترام الملكية الصغيرة، والمتوسطة واسترجاع الأراضي والغابات التي استولت عليها الدولة الفرنسية، وفي مجال آخر، يكون التعليم مجانياً وإجبارياً وعربياً في جميع المراحل، وتعترف الدولة الجزائرية لمواطنيها بالحقوق النقابية وتكوين التنظيمات العمالية وتنظيم الإضرابات وتسن القوانين الاجتماعية، وتقدم المساعدات الفورية للفلاحين وذلك في شكل قروض معفاة من دفع الفوائد تخصص لشراء الآلات والبذور والأسمدة ولتنظيم الري وتحسين المواصلات إلى غير ما تحتاج إليه الزراعة العصرية لأن الجزائر بلد زراعي بالدرجة الأولى.

وخلاصة القول، فإن مشروع المجتمع الذي وضعه نجم شمال أفريقيا والذي جاءت جبهة التحرير الوطني لتجسيده على أرض الواقع، يحمل في طياته دعوة إلى العمل من أجل القضاء على واقع يثقل كاهل الشعب الجزائري


(١) انظر الفصل الثالث من الباب الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>