الوادي (٦٨)، على أن تكون ساحة البريد المركزي هي نقطة التجمع العام الذي كان من المقرر أن يتناول فيه الكلمة عدد من أعضاء اللجنة المديرة لحزب الشعب الجزائري المحظور (٦٩).
وبالفعل اجتمعت جماهير غفيرة في باب الوادي ثم تكاثرت أعدادها بانضمام المتجمعين في ساحة الحكومة (ساحة الشهداء حالياً) إليها، وسلك الموكب نهج باب عزون ليمر أمام مبنى المسرح الوطني قبل أن يدخل إلى نهج علي بومنجل حيث يلتقي في نهايته مع الموكب الذي انطلق من جامع سيدي عبد الرحمن ومر جزء منه بنهجي عمار القامة وذبيح الشريف حالياً. أما الجزء الثاني فإنه سلك نهج ذبيح الشريف صعوداً وتبع نهج موقادور) (Mogador ليصل إلى ساحة الأمير عبد القادر حالياً ومنها التحق بالبريد المركزي. أما الموكبان الملتحمان في نهاية نهج علي بومنجل (ديمون ديرفيل سابقاً) فإنهما دخلا في مظاهرة صاخبة إلى شارع العربي بن مهدي (إيزلي سابقاً) وراحا يتقدمان بنظام وانتظام في اتجاه البريد المركزي. غير أن سكان الشارع كانوا كلهم أوروبيين فاستنجدوا بالشرطة التي وصل رجالها بسرعة كبيرة وبدأ الرصاص يطلق على المتظاهرين من شرفات المنازل ومن قبل عناصر الشرطة. وفي مستوى الكازينو. سقط الشهيدان غزالي الحفاف وعبد القادر زياد. (٧٠).
لقد كان أول مايو سنة ١٩٤٥ امتحاناً عسيراً بالنسبة لجميع القرى والمدن الجزائرية التي أقدم فيها حزب الشعب المحظور على تنظيم مسيراته الاستظهارية، وفي نهاية اليوم، عندما اجتمعت القيادات الحزبية محلياً ووطنياً، كانت النتيجة إيجابية إذ ثبت أن الجماهير الشعبية في الجزائر حينما يطلب منها الإقدام على التضحيات القصوى فإنها لا تتأخر وهي على استعداد لاتباع الحركة الوطنية في طريق النضال بجميع الوسائل من أجل استرجاع السيادة الوطنية المغتصبة.
وبالنسبة للأوروبيين، فإن أول مايو ١٩٤٥ كان يوماً مرعباً، ليس لما وقع فيه من مظاهرات شعبية وقمع وحشي، ولكن لأنه كان تعبيراً قوياً على المستوى العالي من النضج السياسي الذي وصلت إليه أغلبية جماهير الشعب الجزائري، لأجل ذلك فإنهم بجميع مشاربهم السياسية وانتماءاتهم الفكرية والأيديولوجية، راحوا يطالبون السلطات الحاكمة باتخاذ جميع الإجراءات لإقامة سد منيع بين الحركة الوطنية في الجزائر وأهدافها الخاصة باسترجاع الاستقلال