للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما استنادهم إلى قوله تعالى: {وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه} (١) الآية، فلا يصح لوقوعه على خاص في أمر خاص، ففي الآية تصريح أنه في الذهاب، وهو مباح، وذلك لعلة الذين يتسللون لواذا من المنافقين، حتى لا يتوصل أحدهم لمراده من المخالفة في الأمور الجمهورية، والتوصل للتخبيب، وإدخال الضرر في الحال، ولأنه مقام تجاذب الآراء، وتنازع النفوس الخبيثة، فقد يقوم أحدهم بحظه لما يسمع، أو يكون ممن يدخل الخبال في المسلمين، أو يستظهر بمخالفة الكلمة، وأيضا فالاحترام عند الحضور يقضي بالإعلام (٢) ولئلا تعرض حاجة أو تكون في النفس، ولا محل لها، فيقتضي وجود القيام والحصر والتشويش على القاعد، كحال التناجي، وما يجري منه، إلى غير ذلك، فهو خاص في خاص لخاص، لا يصح أن يكون دليلا في مطلق الاستئذان، والله أعلم.

الثاني: أن الاستئذان في الواجب إما أن يكون مع العزم على الموافقة، سواء أمر به أو نهي عنه، فيكون معصية في الأصل تضارع الكفر إذا استباحوا ترك واجب لأمر مخلوق، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإن كان من كان، فإن قالوا: إنا نريد بذلك رضى الله، قلنا: لا يتقرب إلى الله بما لا يرضاه، وإن كان فيه وجه، {وإن تشكروا يرضه لكم} (٣) فافهم، واعتصم بالله، وتمسك بالاتباع، ثم يكفي ردا عليهم في ذلك حديث الأمير الذي أجج النار وأمر الناس بدخولها، وجعل بعضهم يمسك بعضا، وبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال: "والذي نفسي بيده لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (٤).


(١) النور ٦٢.
(٢) أي: الاستئذان.
(٣) الزمر: ٧.
(٤) خرجه أحمد من حديث علي بن أبى طالب (ض)، عن النبي (ص) بلفظ: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، ومن حديث عمران بن حصين بلفظ: "لا طاعة لأحد في =

<<  <   >  >>