للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلم يبق فيهم بقية، رزقنا الله البصيرة النافذة، ومن علينا بكل جدوى عائدة، بمنه وكرمه.

٣٦ - فصل

في الإحداد (١) بالصوم وغيره عقوبة أو كفارة لما يقعون فيه.

وهو أمر اجتهادي لا ينكر من حيث نفعه في التربية، لكن المنكر منه قولهم: من فعل كذا فعليه كذا، مثل قولهم: من استيقظ ليلا ثم غلبته عيناه عن حزبه فعليه صيام يومه، ويدعون أن ذلك تأديب للنفس، وعقوبة لها، وإجبار لما فات من عمل ليلتها، وكل ذلك لا يصح، لوجوه ثلاثة:

أحدها: أن التأدب لا يجري على نمط واحد في النفوس المختلفة، فمن الناس من لا يبالي بالصوم ويؤثر فيه غيره، فيكون صومه زيادة عليه في غير حاصل، كما حكي عن بعضهم أنه جعل على نفسه كلما اغتاب صام يوما، فلم ترجع، فجعل كلما اغتاب تصدق بدرهم، فانزجرت (٢) وربما عينا عكسه.

الثاني: أن العقوبة إنما تكون بالمؤلمات وغالب المتوجهين في .. يتهم، الصوم لهم ملائم، وربما زادهم جرأة وتقوية، فلا يصح أن يكون عقوبة لكل نفس، وهو أمر واضح.

الثالث: أن الكفارة والإجبار لا يكون إلا بما كان سنة أو خبرا غير معارض بشيء من الشريعة، وهذا معارض في الأصل والفرع، أما المعارضة


(١) أي: إيقاع حد وعقوبة بالصوم.
(٢) في ترتب المدارك ٣/ ٢٤٠: قال ابن وهب صاحب الإمام مالك، قال: جعلت على نفسي كلما اغتب إنسانا صيام يوم، فهان علي، فجعلت عليها كلما اغتبت إنسان صدقة درهم، فثقل علي وتركت الغية.

<<  <   >  >>