نزل إلى السماع رحمة بنفسه دنيوية، وجاد على السماع، بذلك ليشرف به السماع، فإن السماع يشرف بالعارفين، ولا يشرف به العارفون، فصار نزوله لإفادة الحاضرين، لا لشيء وراء ذلك، هذا معنى ما ذكر هنا.
ثم قال: فشرفنا بنزوله إلينا، ولم يشرف هو بنا، هذا إذا كان الشيخ عاليا، ولكن يقع هذا منه نادرا، إلا إن أراد الحق أن يبقيه فيه زمانا طويلا، فيعلم الشيخ إن كان عارفا متمكنا أنه مطرود، وأن رجوعه إلى السماع مستصحبا عقوبة من الله عز وجل لذنب أتاه، ولذلك علقه بالسماع فلا يجد حاله إلا فيه، ويفقدها إذا فقده، مكرا من الله واستدراجا، فيبكي على نفسه، ويبحث على ما جنته نفسه، فيجد ذنبا ضرورة لا بد من ذلك.
ثم قال: والله يلبسنا وإياكم رداء العافية، ويحلنا وإياكم المراتب السامية العالية، ولا يجعلنا وإياكم ممن له إلى السماع أذن واعية، فيكون من أهل القلوب اللاهية، انتهى كلام هذا الشيخ (١) وفيه حجة ومحجة، وبالله التوفيق.
...
١٠١ - فصل
في مواقع البدع وأنواع المخالفات
وقد مر حدها وتقسيمها، وقال بعض العلماء: ما لم يقم دليل شرعي على أنه واجب أو مندوب، سواء فعل على عهده (ص) أو لم يفعل، قلت: وفي كلامه هذا بحث، والتحقيق ما تقدم في أول الكتاب، ثم هي بحسبه تجري في كل مرتبة وحالة وعمل، إلا أنها تقل وتكثر، ومنها ما يجب التعرض لإزالته، ومنها ما يندب، ومنها ما يباح، ومنها ما يحرم، فكل ما علم إلحاق الضرر منه، فأنت في فسحة في إنكاره،