أحدها: أنه لم يخص بها ركعة من الركعات، بل يقرأها في صلاته فقط، وأنتم تقيدونها بالثانية أبدا. الثاني: أنه كان يضيفها إلى غيرها فيأتي بسنة الصلاة من تطويل أو تقصير ثم يزيدها كما ورد في رواية من الحديث (١)، وأنتم لا تضيفون لها شيئا بل تقرؤونها مجردة.
الثالث: أنه لم يتعرض بها لإشاعة ولا أمر بها أحدا، بل أخذ بها في نفسه، وقد يسمح للشخص في نفسه بما لا يسمح له به في العموم، وشواهد ذلك من الشريعة كثيرة، وهذا خلاف ما أنتم عليه.
الرابع: أنه استند في فعله لغلبة الحال، فقال لرسول الله (ص) لما سأله في ذلك: إنها صفة الرحمان وإني أحبها، فقال:"حبك إياها أدخلك الجنة"، فأحاله على الحال، لا على الفعل في الثواب، فافهم.
الخامس: أن القوم لما عزلوه عاد إلى الإنصاف، وما عزلوه إلا لأن ذلك عندهم لا يسوغ، حتى إذا تبين عذره وأقره الشارع على ذلك سلموا له، وإلا فهم منكرون لفعله من حيث هو، لكونه لم يوافق ما عليه جمهور الإسلام في ذلك، ولولا عذر الشارع (ص) له ما سلموا له حاله، والله أعلم.
...
٣١ - فصل
في ذكر شبههم فيما آثروه وهجروه مما تقدم ذكره.
أما تقيدهم في قراءة الصلاة، فسمعت من بعضهم ما يدل على أنهم قصدوا به مناسبة أعداد الصلاة، وحركات الفلك، فأتوا لكل وقت بما
(١) الحديث في الرجل الذي بعثه النبي (ص) على سرية، لفظه: "وكان يقرأ لأصحابه في صلاته، فيختم بـ {قل هو الله أحد} "، خرجه البخاري ٦٩٤٠، ومسلم ٨١٣، وانظر حكم تكرار سورة الإخلاص في الركعة الواحدة في البيان والتحصيل ١/ ٣٧١.