قدر الاتباع، ولو كان على قدر المشقة لكان الإيمان والمعرفة والذكر أخفض رتبة من غيرها، وليس كذلك إجماعا، وقول (ص): "أجرك على قدر تعبك"(١) خاص في خاص لخاص، فلا يكون دليلا ولا حجة فافهم.
الثالث: إفراد الوجه ظاهرا وباطنا، فلذلك التزموا قانونا واحدا في جميع أحوالهم الشرعية والعادية، حتى قيدوا ما كان مطلقا مثل القراءة في الصلوات، وأطلقوا ما كان مقيدا مثل أذكار ما بعد الصلاة، فكان ذلك منهم ابتداعا بالتعميم وتغيير الحكم، وإن جاز فعل ذلك في وجه ما، لعلة التداوي ونحوه، فمع اتباع الحكم الأصلي، ومراعاته في العموم، فضيلة كان أو غيره، فافهم.
ولقد تحدثت مع بعض مقدمي هذه الطائفة، فقال لي كالمعتذر: لا يقبل أحد في هذه الأزمنة لعقة من عسل السنة إلا مع صبر البدعة، فأنصف، وقال شيخنا أبو العباس الخضرمي (ض): لو طفتم من أقصى بلاد المشرق إلى أقصى بلاد المغرب في طلب مريد مستقيم الإرادة ظاهرا وباطنا بكل وجه، ما وجدتموه، فكيف بالعارف الكامل، ثم قال: ما بقي إلا من حقيقته مخبطة أو مستورة بذلك، ثم لا ننكر وجودهم من حيث لا يعرفون، هذا معنى كلامه (ض) وهو ظاهر.
١٦ - فصل
في بيان ما عرفناه من طريقهم جملة وتفصيلا.
وهو أقسام ثلاثة:
(١) جاء في الصحيح، قالت عائشة (ض): "يا رسول الله، يصدر الناس بنسكين، وأصدر بنسك؟ فقال لها: "انتظري، فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم، فأهلي، ثم ائتينا بمكان كذا، ولكنها على قدر نفقتك، أو نصبك"، وقال الحافظ في الفتح: ووقع في رواية الإسماعيلي: "على قدر نصبك أو على قدر تعبك"، البخاري مع فتح الباري ٣٦٠/ ٤