للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتبطل، فليلزم الرخص، قال ابن عباد رحمه الله: ويعني بالرخصة هاهنا كل ما كان مضادا لحال المريد من تناول الشهوات واللذات، والميل إلى المألوفات والمعتادات، والركون إلى الدعات والراحات، وارتكاب الشبهات والتأويلات، فإن حال المريد يقتضي مباينته لهذا كله، وإن كان بعض ذلك مباحا في رخصة الشرع لعامة الناس. انتهى، وفي كلامه تلفيف يحتاج إلى بيان معنى، وتحقيق وبسط وجه، وبالله التوفيق.

...

٦٥ - فصل

في الرخصة والشهوة والشبهة والتأويل وحال المريد في ذلك

ومعاملته فيه

اعلم أن الناس ثلاثة:

الأول: عارف يتصرف بالفناء على لسان العلم، ولا حديث لنا معه لكماله.

الثاني: عامي يتصرف بالعلم على وجه إسقاط الحرج، ولا كلام لنا معه لأنه تابع للفقه.

الثالث: مريد يتصرف بالعلم على بساط الحقيقة، فحقه أن يحفظ ظاهره من النقص، وباطنه من الغفلة، وذلك يقتضي استغراق حركاته فيما يرضي الله عنه، ولا يقدم على شيء إلا بنية، ليكون له من كل شيء أمنية، ويأخذ منه بالمحقق، ويدع المحتمل، ويأخذ من المحقق بما هو الأولى أبدا، وبحسب ذلك فهو يفارق ما فيه (مغمز ما) (١) وقد عرف أن الرخص والشهوات من ذلك في الجملة، لكن لها من حيث الشرع وجوه تكون فيها كمالا، فكل رخصة أجمع المسلمون أو جمهورهم على استحباب العمل


(١) في ت ١ بياض.

<<  <   >  >>